
الرياض - السعودية
يواصل قطاع الإنشاءات في المملكة العربية السعودية ترسيخ مكانته كأحد أعمدة التحول الاقتصادي، مدفوعاً بمشاريع عملاقة واستثمارات غير مسبوقة تقدر بنحو 1.7 تريليون دولار، في وقت يواجه فيه تحديات تتمثل في ارتفاع تكاليف المواد ونقص العمالة وضغوط التسليم. ورغم هذه العقبات، يبرز القطاع بمرونة استثنائية بفضل تبني التقنيات الرقمية وأحدث أساليب البناء إلى جانب نماذج تنفيذ مبتكرة.
وبحسب تقرير تيرنر آند تاونسند الصادر حول استخبارات سوق المملكة لعام 2025، تشكل مشاريع البنية التحتية والعقارات والإسكان والخدمات اللوجستية محاور رئيسية للاستثمار، مع تركيز واضح على تعزيز سلاسل التوريد المحلية وتطوير المهارات الوطنية. وتدعم هذه التوجهات تحقيق مستهدفات رؤية 2030 التي تسعى إلى إعادة تشكيل المشهد العمراني والاقتصادي للمملكة.
القطاع يشهد تحولاً نوعياً من خلال الاعتماد على التسليم الرقمي، حيث يستثمر العملاء بشكل متزايد في أدوات تكنولوجية لتسريع الإنجاز وخفض التكاليف ومعالجة نقص الكفاءات. كما يكتسب نموذج استشارات إدارة البرامج (PMC) زخماً، إذ يوفر إشرافاً استراتيجياً على مستوى المحفظة ويعزز الحوكمة والاتساق عبر مختلف مسارات العمل، خلافاً للنماذج التقليدية.
وعلى الرغم من أن الرياض أصبحت من بين أغلى مدن المنطقة من حيث تكاليف البناء بمتوسط 3,112 دولاراً للمتر المربع، فإن ثقة المستثمرين ما زالت قوية. وتستحوذ السياحة، واللوجستيات، والبنية التحتية الرقمية، والتطوير السكني على الحصة الأكبر من الاستثمارات، مدعومة بمشاريع كبرى مثل إكسبو 2030 وكأس العالم 2034™، إضافة إلى الوجهات متعددة الاستخدامات والرياضة والترفيه والضيافة.
كما يشهد القطاع الصناعي نمواً متسارعاً بفضل ازدهار التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية والتوسع في مراكز البيانات، إلى جانب برامج وطنية مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (NIDLP)، وإطلاق شركة HUMAIN للذكاء الاصطناعي المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة. وفي السياق السكني، تواصل مبادرة سكني تعزيز نسب تملك المنازل، مستهدفة وصولها إلى 70% بحلول 2030، ما يجعل الإسكان ركناً أساسياً في مسيرة التحول العمراني.
وقال كوبوس هافمان، مدير الشركة في الشرق الأوسط، إن المملكة تمضي نحو أن تصبح ثاني أسرع الاقتصادات نمواً في العالم خلال 2025، مضيفاً أن \"المشاريع العملاقة تعيد تشكيل المشهد بينما تدفع الإصلاحات والسياسات الداعمة نحو شراكات دولية أكبر وتبني واسع للتقنيات الحديثة\"، مؤكداً أن التركيز في المرحلة المقبلة يجب أن ينصب على بناء القدرات والتميز في التنفيذ لتحقيق نمو مستدام.
Comments
No comments yet. Be the first to comment!