الرياض، السعودية
يشهد سوق العقارات في المملكة العربية السعودية تحولًا استثنائيًا، مدفوعًا بزخم اقتصادي غير مسبوق وإصلاحات تنظيمية جريئة، وفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة CBRE الشرق الأوسط. التقرير، الذي يغطي الربع الثالث من عام 2025، يرصد ديناميكيات سوقية متسارعة تعكس انتقال المملكة من مرحلة التحفيز إلى مرحلة النضج الاستثماري.
نمو اقتصادي غير نفطي يعزز الطلب العقاري
سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا بنسبة 3.9% في الربع الثاني، مع رفع التوقعات السنوية إلى 4.2%، مدفوعًا بارتفاع مساهمة القطاع غير النفطي إلى 56% من الناتج المحلي. هذا التنوع الاقتصادي ينعكس مباشرة على الطلب في قطاعات الإسكان والمكاتب والتجزئة والضيافة والصناعة، مما يعزز استقرار السوق على المدى الطويل.
ثلاث سياسات مفصلية تعيد تشكيل السوق
1. قانون التملك لغير السعوديين (يناير 2026): يفتح الباب أمام المستثمرين الأجانب، ويعزز هدف المملكة بجذب 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية سنويًا بحلول 2030.
2. ضريبة الأراضي البيضاء الموسعة: تستهدف أكثر من 411 مليون متر مربع من الأراضي غير المطورة، ما يشجع على تسريع وتيرة البناء ويحد من المضاربة.
3. تجميد الإيجارات في الرياض لمدة خمس سنوات: خطوة تهدف إلى استقرار التكاليف وتعزيز جاذبية العاصمة كمركز أعمال عالمي.
قطاع المكاتب يقود النمو
ارتفعت إيجارات المكاتب من الفئة الأولى بنسبة 15%، مع معدلات إشغال بلغت 98%، مدعومة ببرنامج المقرات الإقليمية (RHQ) ومشاريع توسعة مركز الملك عبد الله المالي (KAFD). هذا الأداء يعكس تحول الرياض إلى مركز أعمال إقليمي بامتياز.
نشاط سكني متسارع وتوجه نحو الجودة
شهدت الرياض نموًا في أسعار الشقق بنسبة 6.3% والفلل بنسبة 11.6%، بينما ارتفع حجم المعاملات السكنية على مستوى المملكة بنسبة 17.9% ربعياً. ويشير هذا إلى تحول في سلوك المشترين نحو العقارات عالية الجودة، خاصة في ظل تجميد الإيجارات.
التجزئة والضيافة والصناعة: نمو متوازن وتوسع استراتيجي
- قطاع التجزئة: توسع بـ800 ألف م² من المساحات الجديدة، مع مشاريع كبرى مثل \"ويستفيلد الرياض\" و\"أفينيوز مول\".
- الضيافة: ارتفاع إيرادات الغرف بنسبة 10%، مدعومًا بطفرة سياحية استقبلت 32 مليون زائر في الصيف.
- الصناعة: نمو الإنتاج الصناعي بنسبة 7.1%، مع ارتفاع إيجارات الخدمات اللوجستية في الرياض وجدة، بدعم من استثمارات بقيمة 116 مليار دولار.
قراءة استثمارية
المشهد العقاري السعودي لم يعد مجرد فرصة واعدة، بل أصبح بيئة ناضجة تستقطب رؤوس الأموال العالمية. ومع اقتراب دخول قانون التملك الأجنبي حيز التنفيذ، وتوسع المشاريع العملاقة مثل نيوم والقدية، فإن السوق يتجه نحو مرحلة \"التحول الذهبي\" التي تجمع بين الاستقرار، والعائد المرتفع، والابتكار الحضري.
تسجيل الدخول / التسجيل




Comments
No comments yet. Be the first to comment!